تسريب العقارات في القدس: المظلوم فيها كاذب والظالم فيها خائن…وكلاهما وباء

تسريب العقارات في القدس: المظلوم فيها كاذب والظالم فيها خائن…وكلاهما وباء

 

ضربات موجعة تكون تلك المتعلقة بتسريب العقارات في القدس. في السابق كان من تسول له نفسه على هكذا فعلة يهرب من البلد ويختفي قبل ان تجده ايدي الغضب من الخيانة وتقتله.

في السنوات الأخيرة، صار التسريب فنا، يتضامن على تبادل الأدوار في عروضه أطراف كثيرة، صاحب البيت دائما يظهر وكأنه المظلوم، والجهة الاستيطانية التي باتت معروفة منذ عقود عن نياتها وتوجهاتها واغراضها تضع اليد وتفرز الأوراق وتقول اشترينا.

بين بائع وسمسار ومستوطن يريد ان يمحي وجودك من هذه الأرض كما يحاول بلا هوادة محو تاريخك، يضيع ما تبقى منا بين وجع من مصاب الحقه أهلنا، وبين مرض يستفحل في اعضائنا ولم يعد لنا قوة على مقاومته يسمى احتلال.

مسألة العقارات المسربة، لا يوجد تبرير ولا تفسير غير دناءة النفس وبيع الوطن لمن يقترفها. فالحاجة لا تترك المرء يبيع عقار يعرف ان فيه شرف وطنه، فالعقار في وضعنا كمن يحافظ فيه على شرفه، او يتركه، فيكون قوادا كما هو الحال المعاش.

قوادون كثر…. يقودون الوطن الى هاوية مفجعة…. فالحجر يضيع منا كما يضيع في كل يوم البشر، ولا يزالون يتفاخرون بانتمائهم الى الوطن.

لنكن واضحين لمرة وكفانا كذبا على بعض وعلى أنفسنا. لا يوجد خديعة ولا خداع في تسريب العقارات. فمن يبيع يعرف ان الصفقات المعروضة ليست طبيعية ولا عادية. فمن يملك المال ليشتري عقارات ليست بالأصل مفيدة بصورة مباشرة للإنسان العادي.

من يملك في هذا البلد مالا ليكون له بيت في البلدة القديمة يزوره بالأطلال الا القلة النادرة، والتي ان ملكت المال تستثمره بما يدر عليها الريع.

من يشتري عقارا في راس العامود او سلوان او الطور او كفر عقب او غيرها وهو يعرف ان مشاكل البناء هناك لا حل لها، والاكتظاظ السكاني لا يلفت انتباه صاحب الاستثمار، وكيف تدفع مبالغ طائلة بما ليس له قيمة حقيقية؟

الجواب لا يحتاج الى الذكاء ولا الى التحليل.

كم مرة سيقع الانسان ” الوفي” “المخلص” المحب” لوطنه الخائف من هجمة الاستعمار المؤدية بنا في فخ النصب والمحتالين والعملاء والسماسرة الخونة؟

الحقيقة ان هذه الديباجة انتهت صلاحيتها.

فالأمر واضح وجلي.

المشكلة اننا نصر على السماع والتحليل، وأولئك صاروا يتفاخرون في خياناتهم والاخرون يتباهون في كذبهم.

ومع كل هذا، ان المصيبة في تسريب العقارات لا تقع في جرمها بين بائع وسمسار ومستوطن. ولكن هناك سلطة فلسطينية رسمية متورطة بكل أجزاء هذه الجريمة البشعة. ول يحتاج محلل ان لا يفهم تورط السلطة منذ فضيحة تسريب عقارات الكنائس، عندما صرنا نرى الرجل المسؤول عن البيع يجلس في منابر السلطة كضيف شرف رئيسي. كما في كل فضيحة فساد ترتبط بالسلطة، يتم الهاء الشعب بقصة اخري بين ترقية وطعام فاسد. فتذوب الحقيقة ليصبح الواقع المفروض علينا هو الحقيقة الوحيدة.

واقع أصبح الوطن فيه أرقاما مالية تعد وتلم لكل من تمكن له يده من إيجاد بيت ممكن تسريبه، ويزين الامر بقيادة ويمنع الحديث للسرية، وكأن شبكة الاجرام هذه سيتم ضبطها أخيرا، ولكن في كل مرة ينفجر الامر في مصيبة أكبر…. ونسكت…. نتكلم لأيام ونلوك في الامر ونحلل، وننسى ….

ويضيع البيت الى الابد… ويستمر الخائن بالعبث والتجوال بينا … ولا يتم الاستغراب من تعيينه بمنصب عالي او ترقيته إذا ما كان من رجالات السلطة.

لا تختلف المأساة في القدس….

المدارس تم تسريبها، وها نحن نشهد فصل إغلاق مدارس الاونروا، مما سيترك الساحة فارغة لوزارة التعليم الإسرائيلية باحتواء الطلاب. مشهد جديد يكرر نفسه في مأساوية أكبر. في خطر أكبر من أي خطر، وهو مسح العقول الصغيرة وترتيب داخلها بما يتم ملأه مباشرة بالاسرلة والصهينة.

البيوت يتم هدمها تحت ذرائع التراخيص، السكان بين فكي البلدية والمستوطنين، مستوطنات تحيط بالقدس متوسعة، ومستوطنات صارت تتربع داخل الاحياء، الشيخ جراح مثالا مرا نتجرعه يوميا بحسرة ولا نملك الا المشاهدة.

السكان يهرولون بين شباب ونساء وشيوخ لطلب الجنسية الإسرائيلية، في اعداد متزايدة صارت استجداء من اجل فرصة لان يصبح الفلسطيني حاملا لجنسية إسرائيلية قد تحميه من الطرد وقد تسهل عليه حياته اليومية بين اثبات لمكان إقامة وبين رغبة بالسفر بلا ذل طلب فيزا.

والبيوت تباع بالغالي والرخيص…. صار من يجد عميلا للشراء فهلوي، يصبح مخدوعا عند اعلان ساعة الصفر لنقل العقار لأصحابه الجدد…. وكل هذا تنظر السلطة الفلسطينية اليه ان لم تكن جزء منه بأذرعها المليئة بالفساد من أي مكان ممكن!

اترك رد